من فترة لأخرى هناك حديث عن الحد الأدنى للاجور بهدف تشجيع المواطنين للانخراط في سوق العمل بناء على تحديد مبلغ معين و ليكون 4 آلاف ريال شهريا و التي في نظر البعض تشكل ادنى دخل يفي بالأحتياجات الاساسية لمتطلبات الحياة للمبتدئي. الهدف سامي و لكن الخطوة لا تخدم الاقتصاد الوطني و قد لا تخدم حتى تطوير الموارد البشرية. الخطوة يبدوا تهدف لتقليل البطالة في سوق العمل و خاصة لمن هم اقل تعليم. الخطوة لا تخدم المجتمع لان تشخيص سوق الموارد البشرية لم يبدأ من منطلقات تنموية و انما منطلقات الرفاه للجميع امتداد لما يقوم به القطاع العام و مستوى الرواتب فيه- هدف انساني و نبيل و لكنه لا يتماشى مع اهداف التنمية في هذه المرحلة. تحليل سوق العمل لن يسلم من الخلط بين سوق عمل يخدم الرفاه و سوق عمل يهدف للتنمية. واقع سوق العمل يشهد الخلط بينهما ما يجعل سياسة الموارد البشرية دون حلول سهله.
ربما جاء مقترح الحد الأدنى للاجور من منطلق خدمة الرفاه و تقليل البطالة و لذلك قد يحقق الحد الأدنى لحياة كريمه ولكنه يصعب ان يخدم الاقتصاد الوطني خاصة اثناء ركود اقتصاد واضح نتيجة تبعات كوفد ١٩ لعدة اسباب. الاول، ان التكلفة سوف ترتفع على القطاع الخاص المثقل الان بتبعات الركود في وقت تطمح الحكومة بدور اكبر للقطاع الخاص في الاقتصاد؛ الثاني، ان اغلب العاملون في القطاع الخاص من الوافدين وبالتالي سوف ترتفع التحويلات للخارج و بالتالي يقل النقد في المنظومة المالية الوطنية. الثالث، الرسالة التي لدى المواطن تجاه العمل تقول ان افضل وظيفة هي الحكومية و بالتالي هو بين الامنية و الانتظار لذلك الرسالة الخطاء ربما اكبر من التكلفة المالية ؛ الرابع، تكلفة ادارة اي تنظيم عادة لا تؤخذ في الحسبان خاصة ان الانظمة في تزايد و العلاقة بين المردود من النظام المقترح و العائد على الاقتصاد الوطني اما سلبي او يصعب الدفاع عنه. المراهنة على الانظمة لتحديات اقتصادية لا تكفي بل ترفع التكلفة المجتمعية و ربما ضررها اكثر من نفعها احيانا خاصة اننا ارهقنا سوق العمل بالأنظمة ورفعنا تكلفة ادارة الحكومة المالية.
الحل الحقيقي بتقليل الوافدين و توزيع فاتورة الرواتب الحكومية بطريقة اكثر انسجام مع متطلبات التنمية خاصة ان الفاتورة ارتفعت كثيرا في السنوات القليلة الماضية و خاصة تحت مسمى عقود متنوعة تحتاج مراجعة اقتصادية صريحه ، كذلك ينطلي الوضع على الكثير من المنظمات الحكومية التي رأت انها تندرج اسميا تحت
عنوان القطاع الخاص. بوابة الانتاجية و التي هي عماد النمو الاقتصادي يمر من باب اعادة التفكير و التعديل في العلاقة بين ادوار الوافد و المواطن و مراجعة فاتورة الرواتب و الاجور العامة. من هذا المنظار لا اجد فضاء يكفي للتشريع بحد ادنى من الاجور. في حال تمكين التوطين في القطاع الخاص بصورة مختلفة نوعيا في الكم و الكيف نعود لزيارة تشريع الحد الأدنى من الاجور. في فترة لاحقة ربما هناك فرصة لنقاش الدخل العام الاساسي ( universal basic income) ما يدعوا له البعض في الخارج لما له من علاقة ولو انها غير متماثلة مع فكرة الحد الأدنى من الاجور، بل الخلط بين فكرة الحد الأدنى من الاجور و الدخل العام الاساسي تتضمن مخاطر اقلها أنهما يؤثران على بعضهما، ولكن حتى هذا من المبكر الحديث عنه لحين اعادة ترتيب منظومة الموارد البشرية. في الاقتصاد التنموي خاصة لابد من الحذر في التسلسل ، اذ ان اي خطوة قبل حينها غالبا تفشل.